كان يعيش وحيدًا في منزل قديم يقع عند أطراف المدينة، بعيدًا عن الضوضاء والازدحام.
نظر إلى الساعة المعلقة على الحائط، كانت تشير إلى الثالثة صباحًا.
تسلل الخوف إلى قلبه، لكنه جمع شجاعته واقترب بحذر من النافذة.
عندما أزاح الستار، لم يجد أحدًا. فقط الريح تعصف بالخارج، تحرك أغصان الأشجار المتيبسة. شعر بقشعريرة تسري في جسده، لكنه أقنع نفسه أنها مجرد أوهام سببها الإرهاق.
عاد إلى سريره محاولًا استعادة النوم، لكن النوم جافاه.
في صباح اليوم التالي، عندما خرج لشراء بعض الحاجيات، لاحظ آثار أقدام مبللة على شرفة منزله.
انحنى وفحصها، كانت تبدو حديثة، وكأن شخصًا كان يقف عند نافذته في الليلة الماضية.
ارتبك، لكنه لم يكن من النوع الذي يصدق الخرافات، فقرر تجاهل الأمر.
لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد. في الليلة التالية، تكرر الأمر.
أصوات خافتة، طرقات، ظل غامض يمر أمام النافذة. هذه المرة، قرر كريم ألا يتجاهل الأمر. أخذ مصباحه اليدوي وفتح الباب بحذر، لكن الظلام كان كثيفًا، ولم يكن هناك أحد.
في اليوم الثالث، قرر الاتصال بصديقه "سامر"، وهو محقق خاص، وأخبره بكل ما يحدث.
لم يستهزئ سامر بالأمر كما كان يتوقع كريم، بل وعده بالقدوم والمبيت معه ليرى الأمر بعينيه.
عند حلول الليل، جلس الصديقان في غرفة المعيشة، يترقبان أي حركة غير طبيعية.
لم يمضِ وقت طويل حتى سمعا الطرقات مجددًا. نهض سامر بسرعة وسحب مسدسه، وأشار لكريم ليبقى خلفه.
فتح النافذة فجأة، لكن لم يكن هناك أحد. كانت الرياح فقط هي التي تعصف.
لكن عندما نظرا إلى الأرض، كانت هناك آثار أقدام واضحة، تنتهي عند النافذة.
تبادلا النظرات، ثم قرر سامر تتبعها. ارتدى معطفه وأمسك بمصباحه، وسار خلف الآثار التي قادته إلى الغابة القريبة.
كان الطريق موحشًا، والأشجار تبدو كأنها تهمس في الظلام.
تابع سامر المسير حتى وصل إلى كوخ قديم مهجور. دفع الباب الخشبي بحذر، وعندما دخل، وجد شيئًا جعله يقف متجمدًا في مكانه: صورة قديمة له ولبعض أصدقائه معلقة على الجدار، لكن وجه كريم كان مشوهًا بشدة وكأن أحدهم خربشه بأداة حادة.
عاد إلى المنزل مسرعًا وأخبر كريم بالأمر.
بدأ الأخير يتذكر أنه قبل سنوات، كان هناك صديق لهم يُدعى "ياسين" اختفى في ظروف غامضة بعد مشاجرة عنيفة بينه وبين كريم.
لم يعثروا عليه أبدًا، لكن الجميع اعتقد أنه غادر المدينة.
في تلك اللحظة، سمعا صوتًا غريبًا خلفهما.
استدارا ليجدا رجلاً نحيلًا شاحب الوجه يقف عند باب الغرفة، ينظر إليهما بعينين فارغتين.
قبل أن يتمكن أي منهما من فعل شيء، همس الرجل بصوت متقطع: "لم أرحل أبدًا..."